بر الوالدين في جامع الفقهاء

صحيفة: الخليج الثقافيةتاريخ النشر: وقت القراءة:
للقراءة

 


د . ضيف الله مهدي

في خطبة اليوم الجمعة الموافق ٢١ صفر ١٤٤٧هـ ، بجامع الفقهاء في بيش أبدع وأفاد وقدم المستفاد الشيخ الأستاذ حسن بن يحيى الأعجم حين قدم خطبة الجمعة وقدم مواعظه ونصائحه ودرسه في خطبته عن بر الوالدين والتعامل مع كبار السن وتقديمهم والأخذ بآرائهم ومنحهم الفرصة واحترام علمهم وخبرتهم والانصات لهم وكذلك خص الوالدين بالكلام الجميل ، وقدم أعذب الكلام وأجمل المواعظ ، فكانت العيون مصوبة ناحيته والأسماع متصلة بصوته وكأني أسمع أنين بكاء وأعين تفيض بالدموع .. فشكرته بيني وبين نفسي لا يسمع ذلك إلا السميع العليم ، وتذكرت أنني لما كنت مرشدا طلابيا بثانوية بيش كنت أجد العلاقة بين الطالب ووالده متوترة وبعضهم مقطوعة حتى قال لي أحد الطلاب : أسوأ يوم في حياتي لما نتقابل أنا وأبوي على الغداء ، وأب اتصل بشيخنا الفاضل مدير المدرسة الشيخ محمد يحيى فقيه يرحمه الله وقال : ولدي عندكم في الأول الثانوي وتراه يضرب أمه وأخواته وحوله إلي شيخنا الكريم وحليت مشكلته ومعد ضربهن حتى اليوم وبكرة وبعده .. وكنت قد كتبت رسالة لأب يشتكي بنيه وتعاملهم معه ، وقد تم نشر الموضوع من قبل في بعض الصحف وبعض قروبات الواتساب .. لكن خطيبنا اليوم وفي خطبته الثانية طالب الآباء والأمهات بحسن التعامل مع أبنائهم وحسن تربيتهم والعطف عليهم ، فإن لم تجد برا من ابنك فأنت السبب في عقوقه لك ..

وعلى جزئية تربية الأبناء وحسن التعامل معهم وتربيتهم تربية معتدلة لي تعليق فقد كتبت ذات مساء موضوعا بعنوان : كن حازما ، وكتبت :

" كن حازما مع ابنك اعط ابنك الحرية .. لا تقسو على ابنك .. نسمع مثل هذه العبارات باستمرار ، فهل الحزم القسوة ومعاملة الأبناء بالعنف والضرب والتوبيخ ؟ وهل الحرية أن نترك الأبناء دون مساءلة ودون مناقشة لسلوكياتهم ودون توضيح لأخطائهم التي وقعوا فيها ودون توجيه وارشاد لهم.

إن الحزم لا يعني التشهير بالأبناء الكبار البالغين أو حتى الصغار أمام الناس وخاصة من هم في سنهم .. لأن المراهق يعتد بنفسه ولا يحب أن يذل أمام الآخرين .. وقد يصدر منه ردة فعل عكسية لما يواجهه . والحزم يراد به تصحيح الأوضاع والمفاهيم لدى الأبناء ، وليس أخذ العصا أو العقال والضرب المبرح للأبناء أمام الآخرين .

والقسوة تستهدف إخراج الغضب من الآباء وهدم شخصية الأبناء ، ونحن نقول لا للغضب .. وقد قالها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلم والمربي الأول لما سأله السائل : ( لا تغضب لا تغضب ، لا تغضب ) . وعندما يخطيء الأبناء فمن الممكن أن يعاقبوا على أخطائهم ولكن ليس بالقسوة والضرب المبرح وتفجير الدماغ وكسر العظام .

إن الأبناء وخاصة المراهقين بحاجة إلى أب متفتح فكريا قوي الإرادة والشخصية مدرك لما يحدده من قيود .. قيود معقولة يقتنع بها الأبناء ويقتنعون بها وتكفل لهم حياة سعيدة.

إن الحرية في التربية لا يقصد بها التسيب في الانفعالات من كل قيد وإلا أصبحت مرادفة للفوضى .. إن الحرية التي نريدها هي تلك الحرية التي تجعل الأبناء على جانب كبير من السعادة والنضج الإجتماعي والفضيلة الاجتماعية ..إن الحرية ليست غاية في قصدها بل وسيلة لتحقيق هدف معين ، إن رسم الحدود والقوانين والقيود هو رسم الحرية التي نستطيع الحركة خلالها .

إن الألعاب المختلفة ككرة القدم والطائرة والسلة واليد لو كانت بدون قيود وقوانين فإنها سوف تكون أقرب إلى الفوضى والعبث.. لكنها مع القيود والقوانين أصبحت ألعابا جميلة وتعطي حرية في نطاق هذه القوانين . لا للحرية التي تصل للفوضى والتسيب ، ولا للحزم الذي يصل لدرجة القسوة ويورث الصراعات النفسية والأمراض .. ومع الحزم الذي يخرج شخصية سوية طبيعية إلى الحياة ، ومع الحزم الذي يحدد الأوضاع الخاطئة ويصححها من أجل بناء شخصية متكاملة وسوية ".

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

3351773868744938364

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث