تكمن جماليات الشعر في قدرته على نقلنا الى عوالم اخرى وفي قدرة الشاعر على تحويل الكلمات الى لوحات فنية نابضة بالحياة. كانت لي فرصة لا تنسى في ان التقي مع كلمات الشاعر الفذ "حسن قاسم قحل" لم تكن مجرد كلمات عابرة بل كانت رحلة الى اعماق الروح حيث تتجلى اصالة الكلمة وجماليات المعنى .
منذ اللحظة الاولى شعرت بصفاء روحه وعمق تجربته. لم يكن يتحدث عن الشعر كفن بل كحياة يعيشها ويتنفسها. كان يرى في الاشياء العادية قصائد لم تكتب بعد وفي الوجوه حكايات تنتظرمن يرويها. حدثني عن قريته وكيف ان كل زاوية فيها خبأت له سرا شعريا وكيف ان رائحة التراب بعد المطر هي مصدر الهام لا ينضب. لم يكن يصف الاشياء بل كان يمنحها حياة .
اجمل ما في تلك التجربة كان عندما القى علي بعضا من قصائده. لم يكن يقراها بل كان يغنيها. صوته الرخيم كان يعزف على اوتار قلبي وكل كلمة كانت تحمل وزنا من العاطفة والصدق . قصائده عن الحب كانت تملا السمع دفئا وقصائده عن الوطن كانت تثير في النفس شجونا وشوقا. يمتلك قدرة فريدة على ان يجعل المستمع جزءا من قصيدته وان يجعله يعيش اللحظة ويستشعر كل احساس فيها.
لقد علمني حسن قاسم قحل ان الشعر ليس مجرد كلمات تصف على ورق بل هو روح الشاعر تنبض بين السطور. انها تجربة غيرت نظرتي للشعر وجعلتني اؤمن بان الكلمة الصادقة هي اجمل ما يمكن ان يقال . في تجربتي مع الشاعر حسن قحل لم اتعلم عن الشعر فقط بل تعلمت عن الحياة عن الجمال الكامن في ابسط الاشياء وعن القوة الهائلة للكلمة عندما تنبع من قلب محب .
لقد تركت هذه التجربة في نفسي اثرا عميقا واصبحت كلما قرات قصيدة جميلة اتذكر تلك الجلسات التي قدمت فيها اغنيات من كلماته واتذكر كم يمكن ان تكون الكلمة اداة سحرية قادرة على ان تلامس الارواح وتجدد العهود .
بقلم الفنان . احمديوسف
